“تابوتي بلاتكاليم” هذا هو اسم المرأة البابلية التي تذكرها الألواح المسمارية التي عشقت الرائحة وكانت أول من ابتكر العطر في تاريخ العالم.
رغم ذلك لم يُعثر لتابوتي على أي وصفة لعطر من عطورها، وكان أقدم وصفة عطر عثر عليها تلك التي في قبرص، والتي تعود إلى أربعة آلاف سنة، وكان اليونانيون في تلك الفترة يعيشون ازدهاراً تجارياً وثقافياً كبيراً، ما أدّى إلى تطوّر صناعة العطور.
ويأتي ابن سينا ليضع صناعة العطور في سياق آخر، لا سيما وأنه اخترع طريقة تقطير الزهور التي ما زالت متّبعة إلى يومنا هذا. إذ نجد في كتاب ابن سينا حوالي 107 طرق لصناعة العطور.
وقد امتدّ الاختراع الى أوروبا في القرن الثاني عشر، وتحديداً عام 1221، فبرع الايطاليون في تركيبه، واستطاع الهنغاريون أن يمزجوه بالكحول، وهي المادّة التي بقيت تُستخدم في صناعته حتى الآن، وذلك عام 1370 بأمر من الملكة إليزابيث البولندية، زوجة الملك شارل الأول، وقد أُطلق على المزيج اسم “ماء هنغاريا”.
أما الملك الفرنسي لويس الخامس عشر كان يعاني من هوس نفسي، يدفعه لاستهلاك كمّيات هائلة من العطور التي ينثرها على كلّ ما يحيط به من أثاث وأدوات وملابس، ولإشباع حاجات القصر التي لا تنتهي من هذه المادّة، زرع الفرنسيّون الورد وأسّسوا مصانعه، ما جعل فرنسا تحتلّ المركز الأول عالمياً منذ ذلك الحين في صناعة العطر.
أمّا ما يسمى “ماء الكولونيا”، eau de cologne، ويختصر في يومياتنا العربية بكلمة “كولونيا”، فقد تمّ اختراعه في ألمانيا، وقد اخترعه تحديداً مزيّن ألماني (حلّاق رجالي)، اسمه جيوفاتي باولو، لأجل تركيب بشرة زبائنه، وتمّ تسويقه عام 1732 إلى كافة أنحاء أوروبا، ومنها إلى العالم… وهكذا، سافر العطر من بابل إلى باريس، وغزت أنواعه كوكب الأرض، وصنع المشاهير عطوراً بأسمائهم، كذلك فعل كلّ طامح إلى تخليد ذكراه.