على حساب سيدة أعمال بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» ورد إليها طلب صداقة ورسالة محتواها «صباح الخير.. أنا اسمى محمود خالد محمد شغال نقاش.. يا ريت يكون لى نصيب فى الحصول على فرصة عمل فى شركة المقاولات الخاصة بحضرتك عشان ظروفى صعبة ومحتاج فلوس عشان الخطوبة»، ساعات قليلة ولقيت تلك الرسالة استجابة من جانب السيدة «سهير»، وأبلغت صاحب الرسالة بالحضور لاستلام عمله فى أحد المشروعات السكنية بمنطقة فيصل، لكنه رد هذا الجميل إليها بـ6 طعنات قاتلة عندما فشل فى اغتصابها داخل منزلها فى المعادى.
«سهير. س» 52 سنة، بدأت حياتها العملية أثناء وجودها برفقة زوجها فى دولة الإمارات وتحديداً فى العاصمة دبى قبل 30 عاماً، عندما نجحت فى إقامة أحد المشروعات الاستثمارية الصغيرة الذى كان يدر عليها عائداً كبيراً، وتمكنت خلال المدة التى قضتها فى دولة الإمارات وهى 13 عاماً من جمع ثروة ليست بالقليلة، قبل أن تعود إلى القاهرة بمفردها إثر حدوث خلافات أسرية مع زوجها بسبب عدم إنجابها وانتهت بانفصالهما.
تفرغت «سهير» لحياتها العملية عقب عودتها إلى القاهرة وأقامت شركة استشارات عقارية، وخلال عملها تقدم إليها العديد من الأشخاص للزواج منها لكنها رفضت، وأعطت عملها كل وقتها حتى تمكنت خلال فترة قصيرة من تحقيق نجاحات كبيرة فى مجال العقارات، وأصبح لديها العديد من المشروعات العقارية فى العديد من المناطق بـ«فيصل والعمرانية والمعادى»، وقامت بشراء فيللا خاصة بها بمنطقة كورنيش المعادى والعديد من قطع الأراضى فى القاهرة الجديدة وسيدى عبدالرحمن بالإسكندرية، وعندما تزايدت ثروتها أصبحت مطمعاً للعديد من الأشخاص الذين ألحوا فى طلب الزواج منها لكنها كانت ترفض بشكل قاطع.
طبيعة عملها فى مجال الاستثمار العقارى جعلت لديها علاقات متعددة بالعديد من المقاولين والعمال والصنايعية، لأنها ليست من هواة الجلوس فى المكاتب المكيفة، بل كانت تنزل بشكل شبه يومى لمتابعة أعمال التشطيبات فى العقارات السكنية التى تنفذها، كما أنها تتعامل أيضاً مع الأشخاص الذين يرغبون فى شراء الوحدات السكنية، ورغم تعدد علاقاتها وصداقاتها فإنها كانت تختار مجموعة معينة من الأشخاص القريبين منها لمنحهم ثقتها فى مساعدتها فى متابعة مهام عملها، بل كانوا يحضرون إلى الفيللا الخاصة بها فى المعادى على فترات متقاربة للتحدث معها فى الإشراف على الأعمال والحصول منها على مستحقاتهم المالية، فهى كانت تتعامل معهم كخدم لديها، وبالرغم من رفضها الزواج من عشرات الأشخاص الذين عرفتهم عن طريق عملها فإنها وافقت على الزواج من محصل الكهرباء الذى كان يحضر إلى الفيللا لمباشرة مهام عمله، فى حين أنه كان متزوجاً ولديه 3 أولاد، لكن تلك الزيجة كانت محاطة بشروط كثيرة من جانبها، وهى توقيع الزوج على قائمة تضم مفروشات الزوجية بقيمة 180 ألف جنيه و130 ألف جنيه مؤخر صداق، ولم يستمر الهدوء بين الجانبين سوى 7 أيام فقط، وسرعان ما دبت الخلافات بينهما وانتهت بطرده من الشقة وأقامت ضده عدة دعاوى قضائية.
10 أيام فقط مرت على خلاف «سهير» مع زوجها الجديد، وتعرضت للقتل على يد صاحب الرسالة الذى وافقت على عمله لديها، عندما حضر إليها فى منزلها ليتسلم منها مستحقاته المالية، وعندما أصرت على أن يتناول معها طعام الغداء، تأكد أنها تقيم بمفردها داخل الفيللا فحاول اغتصابها لكنها حاولت الدفاع عن نفسها فأسرعت إلى المطبخ وأمسكت السكين لكن المتهم نجح فى السيطرة عليها وسدد لها عدة طعنات فى البطن والظهر واليدين فارقت على أثرها الحياة، واستولى على هاتفين محمولين وأثناء محاولته الهروب من الشقة وجد باب الفيللا مغلقاً فعاد إلى الطابق الأول للبحث عن المفتاح داخل حقيبتها حتى حصل عليه بجانب مظروف بداخله 450 جنيهاً فاستولى عليه وتوجه إلى الحمام وغسل يديه والسكين المستخدم فى الجريمة من آثار الدماء قبل أن يهرب إلى منزل والده فى منطقة المطرية، وبعدها اكتشف أحد العاملين لديها الجريمة فأبلغ مأمور قسم شرطة المعادى الذى أخطر اللواء خالد عبدالعال، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة بالواقعة.
شكوك فريق المباحث بقيادة اللواء هشام العراقى، مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة طالت زوج الضحية بسبب وجود خلافات بينهما لكن تحريات المباحث أثبتت أنه ليس متورطاً فى الجريمة، وتمكن فريق البحث الجنائى من تحديد القاتل والقبض عليه داخل منزله الذى يقيم فيه بصحبة والدته المنفصلة عن والده فى منطقة القلج بالقليوبية، وبمواجهته اعترف بتفاصيل الجريمة كاملة أمام اللواءين عبدالعزيز خضر، مدير المباحث الجنائية، وهشام لطفى، رئيس قطاع مباحث جنوب القاهرة، وأقر أنه تلقى اتصالاً من المجنى عليها قبل يوم الواقعة وعندما توجه إليها لاستلام مستحقاته المالية أصرت على تناول الغداء معها وأعدت بنفسها «بطاطس وأرز»، وكانت ترتدى بيجامة لونها «بنى»، وأثناء جلوسها على أحد المقاعد حاول اغتصابها لكنها رفضت وبدأت فى مقاومته وعندما أمسكت بالسكين للدفاع عن نفسها نجح فى السيطرة عليها بعد أن أصيب فى يديه بسبب إمساكه للسكين من نصلها قبل أن يسدد لها عدة طعنات عندما حاولت الاستغاثة بالجيران.
«بعت التليفونات لواحد جنب البيت فى القليوبية بـ2100 جنيه»، بتلك الكلمات واصل المتهم اعترافه بتفاصيل الجريمة أمام اللواء هشام لطفى، رئيس قطاع مباحث جنوب القاهرة، وأنه أعطى خطيبته مبلغ 500 جنيه لسداد ديونها، كما أنه دفع 500 جنيه أخرى كمقدم هاتف محمول لخطيبته أيضاً، بينما أخذ هو باقى المبلغ لإنفاقه على احتياجاته الشخصية.
تحقيقات نيابة المعادى بإشراف المستشار هشام حمدى المحامى العام الأول لنيابات جنوب القاهرة، كشفت عن أن القاتل تردد على منزل المجنى عليها عدة مرات من أجل استلام مستحقاته المالية بعد أن أجرى أعمال النقاشة فى شقتين داخل العقار السكنى بفيصل، لكنه فى المرة الأخيرة استغل وجودها بمفردها عقب انصراف الشغالة وحاول اغتصابها.
التحقيقات التى أشرف عليها المستشار عمرو شريف، رئيس النيابة، أوضحت أن القاتل لم يخطط لقتل الضحية قبل وصوله إلى الشقة لكن نفذها عندما قاومته أثناء محاولته اغتصابها، وتبين أيضاً من مناظرة الجثة وتقارير الطب الشرعى أن القاتل لم يتمكن من اغتصاب الضحية وأنه هرب عقب قتلها.
محصل الكهرباء تحول إلى مليونير
المفارقة فى تلك القضية أن زوجها الجديد الذى دخل فى خلاف معها بعد أيام قليلة من الزواج انتهت بطرده وإقامة دعاوى قضائية ضده، تحول إلى مليونير لأنه لا يزال الزوج الشرعى الذى من حقه أن يرث نصف تركتها لأنها لا تنجب، بعد أن عرض عليها محصل الكهرباء تطليقها نظير تنازلها عن تلك القضايا.
الخلافات التى دبت بين الجانبين وضعت هذا الزوج فى مرمى الاتهام عقب العثور على جثة الضحية لكن سرعة جمع المعلومات الصحيحة من جانب رجال المباحث أثبتت برءاته وتوصلت إلى القاتل الحقيقى.