كفانا شجبًا وندبًا وانتقادًا، كفانا مطالب دون أي ردة فعل منا للعطاء وتحسين أوضاعنا، فلم نعد نرى أنفسنا في المرآة بل نرى سلبيات الآخرين ولا نحاول تفاديها ونتحسر على الايجابيات دون أن نبذل مجهودًا للنجاح.
فمع بدايات مطلع كل عام نطالبه أن يهدينا الكثير من الآمال والأحلام دون أن نقدم له أي بوادر من الأمل وخططا للنجاح ..
دعونا نسأل أنفسنا مرة واحدة ماذا سنقدم لعام 2016 لتفخر بنا أوطاننا ؟؟؟!!!
فلن يختلف معي أحد في أن مفهوم ” أم الدنيا ” لمصر ليس مفهومًا مجازيًا أو لأنها الأقدم حضارة بل الحقيقة أنها أصل القيم والمبادىء التي ولدت منها حضارة السبعة آلآف عامًا والتي تميزت بعراقتها حتى قبل نزول الأديان السماوية والتي جاءت بدورها الآلهي لتؤكد وتثبت المفاهيم الفطرية وتصحح المفاهيم الخاطئة .. فكل الدول المتقدمة الآن استمدت تقدمها من حضارتنا بل طورتها لصالح البشرية بكل مفاهيم التطور التكنولوجي، مما يجعلنا نؤمن أنه لا جذور دون حضارة، ولا أجيال صحية دون أمهات، وتؤخذ الأمومة على محمل الجدية والمسؤولية لأنها العنصر الرئيسي والأساسي في التربية وصناعة الأجيال وغرس المبادىء منذ الصغر لتشب عليها أجيال وحضارات ترقى بالأوطان أجتماعيا وثقافيا والتي تؤدي في النهاية الي التقدم الأقتصادي ورفاهية المجتمعات …….
دعوني أؤكد أن الخطاب هنا ليس للمرأة بل لكل العناصر التي من شأنها دعم المرأة والمطالب منها الكثير لأجيال المستقبل، كما أؤكد أن غياب الأم وعدم قدرتها في السيطرة على أبنائها وما يدور حولها من مصاعب ليس مسؤوليتها وحدها بل هي مسؤولية تقع على عاتق المجتمع ككل، تبدأ من مفاهيم رجعية في المجتمعات العربية والمجتمع المصري بالأخص والذي لايعرف عن دورالأم اإا الملبس والمأكل ومحاولة التقليل من شأنها واستخدام كل الأساليب السلبية نفسيا وجسديا مما يحبط نفوسهن وبالتالي نفوس ابنائهن اللائي ينشأن تحت ايديهن ذكورًا وإناثًا نشأة أساسها خاطىء …
فالمسؤولية هنا تتحملها الدولة بكل مؤسساتها من دعم وتفعيل القوانين والمواد المذكورة في الدستور لصالح المرأة التي تضمن كرامتها وحماية أجيالها التي تنشأ تحت قبتها وليس المقصود بغياب الأم هو خروجها للعمل فقط فالعالم الغربي وكل الدول المتقدمة حضاريا نسائها تعمل خارج المنزل وداخله وضربوا المثل في إنشاء أوطان متحضرة تحت قبة قوانين الدولة التي تشجع وتحترم حقوق جميع فئات الشعب …
فلا بد من تبني خطة محكمة وصادقة لتحقيق هذا الهدف الوطني بالدرجة الأولى إيمانًا بدور المرأة التي تمثل في الحقيقة المجتمع بأكمله وليس النصف فقط .. فعلى الرغم من وصول المرأة في مصر إلى أعلى المناصب إلا أنها وصلت إلى ماتصبو إليه بكفاح مرير أخذ الكثير من وقتها وصحتها مما يجعلها تحت ضغط نفسي شديد لتحقيق طموحها تاركة ورائها أجيالا سلبية هي في الأصل المستقبل الحاضر وأعمدة المستقبل ..
السؤال المطروح الآن وبجدية هو : ماذا سنقدم لمصر في عام 2016 ؟؟؟
أما الإجابة عندي أنا بشكل شخصي، أنه ليس هناك نموذجا أفضل من شخصية المرأة الحديدية لعمل عدة نماذج مماثلة من سيدات مصر ليكن هن شعلة التقدم لمستقبل أفضل ولأجيال متحضرة فلعل من الأمور الأكثر غرابة أن تكون هناك امرأة وحيدة جريئة وقوية في مجتمع متفتح كالمجتمع الغربي والمؤمن بدور المرأه الفعال وعلى الرغم من هذا لم يلد الكثير من النساء اللاتي يمثلن أوطانهن كما يجب ولم تكن هناك نماذج جديرة بالذكر سوى السيدة “مارجريت تاتشر” رئيس وزراء خارجية بريطانيا والتي لقبت بالمرأة الحديدية في مجتمع متحضر مثل بريطانيا وضربت المثل للمرأة الجريئة القوية لصالح وطنها ولكن الجدير بالذكر ان نساء الغرب لديهن نظام قانوني واجتماعي لايخرجن عنه مما جعل بلادهن في حالة من التقدم والرقي بالتزامهن …
وكانت تاتشرهي” المرأة الوحيدة” التي تقلدت منصب رئيسة الحكومة في بريطانيا حتى عام 1990 وفازت بهذا المنصب ثلاث مرات على التوالي وتميزت المرأة الحديدية بصلابتها وجرأتها في التعامل مع الأوضاع السياسية والاقتصادية، فعقب وصولها إلى منصب رئيس الوزراء عام 1997 بعد قيادتها لحزب المحافظين فى عام 1975، عملت على تشريع بعض القوانين، التي أقل ما قيل عنها إنها كانت جريئة ولم تكن مقبولة كلها لدى الرأي العام البريطاني، وبخاصة من نقابات العمال، حيث عرفت تاتشر بمبادئها في السياسة الاجتماعية المحافظة والليبرالية الاقتصادية والتي لم تتخل عنه على مدار فترة حكمها ….
وعملت تاتشر على خصخصة كبرى الشركات البريطانية ولاسيما التي تعمل في مجالات الفحم، كما أنها أنقصت من العلاوات الاجتماعية التي كانت تتقاضاها العائلات، وبالأخص الفقيرة والمتوسطة، بينما أعطت المساحة للأغنياء وأصحاب الأعمال للاستثمار بسهولة وكان ذلك على خلفية القوانين المالية والاقتصادية الجديدة التي قامت بتمريرها في البرلمان والداعمة للنظام الليبرالي، وأيضًا قامت بتخصيص بعض الشركات الكبرى الوطنية كشركة “روولز رايس ” وشركة الخطوط الجوية وشركة الاتصالات ولو حدث مثل هذا الموقف في مصر لقامت الدنيا ولم تقعد كما سبق وان حدث من قبل مثل ولكن السياسات واتخاذ القرارات الناجحة تحتاج لجرأة شديدة بجانب الشعور بالوطنية ورغبة في اجتياز الأزمات للعبور بالوطن إلى بر الآمان …
وحين انسحبت تاتشر من المجال السياسي بسبب تعنت مواقفها التي تتعارض مع آراء السياسيين الموجودين معها على الساحة اضافة الي الدواعي الصحية التي جعلتها تنسحب بشكل اضطراري ونهائي وبعد وفاة زوجها كانت قد اصلت جذور سياسية واقتصادية ناجحة وكان لها بصمة صادقة لبلدها وكانت من اهم الشخصيات المؤثرة في القرن العشرين …
وعلى الرغم من تباين الظروف الأجتماعية والثقافية والأقتصادية بين مصر والمجتمع الغربي الا ان المرأة المصرية ضربت مثلا لاجدال فيه منذ قيام ثورة 25 يناير وحتى تخلص المجتمع المصري من حكم الأخوان المتطرف بل كانت تسبق ابنائها للوقوف باللجان والأنتخابات من اجل استقرار الوطن ومقاومة التيارات والأتجاهات الأرهابية المتطرفة …
هكذا أطمح أن أكون وأن تكون عليه سيدات مصر، فنحن لسنا أقل شأنا من نساء الغرب ولدينا قدرة لا مثيل لها على الكفاح والصبر وتاريخًا من العطاء والوطنية ولكن لابد من دعم الدولة والمجتمع ومساندتها للوصول إلى الهدف بأقل الخسائر لتهب أجمل مالديها من طموحات لأبنائها، فعلى الرغم العاطفة الشديدة التي تتميز بها المرأة المصرية، إلا أنها مستعدة أن تهد الجبال من أجل تحقيق مستقبل تباهى به الأوطان، وقد أثبت التاريخ قدرة المرأة المصرية على تجاوزالأزمات، حتى وإن كانت تجهل بعضها ولكن بفطرتها الطبيعية تشعر بالخطر على أبنائها فتسرع لانقاذهم، باذلة الغالي والرخيص من أجلهم فلدينا كنز وطني قومي يسمى ” المرأة المصرية ” فهي من أهم الثروات القومية الوطنية للوصول إلى وطن أرقى بأجيال أصحاء …
هذا أعظم مشروع يمكن ان نهدي به مصر بحلول عام 2016 لتمر علينا أعواما وأعواما من الرقي والرخاء وكل عام والأمة ومصر وشعبها بخير.