بلغت ذروة إجمالى الدين العام المصرى إلى الناتج المحلى الإجمالى وفقاً لتصريحات صحفية لوزير المالية عمرو الجارحى 108% فى 30 يونيو 2017.. ويشمل الداخلى والخارجى، وهو ما تقدره جهات أخرى بنحو 101٪ فقط، وقدرت وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى، مؤخراً حجم الدين الخارجى لمصر بنحو 100 مليار دولار فى نهاية 2017 بعد إضافة استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة إلى الدين الخارجى فى تقريرها ليصل إلى 44% من الناتج المحلى الإجمالى، لكن وفقاً لتقديرات آخر بيانات للبنك المركزى فإن الدين الخارجى بلغ نحو 79 مليار دولار فى نهاية يونيو 2017، وذلك على اعتبار أن تعريف الدين الخارجى لا يحسب الدين قصير الأجل مثل أذون الخزانة، ووفقاً لوزير المالية فإن الحكومة تستهدف أن تصل نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى إلى 97% فى 30 يونيو 2018، ثم إلى أقل من 90% فى نهاية العام المالى المقبل.
وينقسم أهل الرأى فى مصر إلى فريقين أساسيين، الأول يحذر من خطورة تزايد الديون خصوصاً الخارجية، والثانى لا يرى أن الأمر وصل بعد إلى مرحلة الخطر ويؤمن أن الديون كانت ضرورة لتنفيذ كل طموحاتنا فى التنمية، ويقول خبير أسواق المال هانى توفيق، أحد الذين يمثلون الفريق الأول، إن الدين الداخلى على نهاية العام المالى الحالى لن يقل عن ٤ تريليونات جنيه وسيسجل الدين الخارجى، بعد البدء فى محطة الضبعة، نحو 105 مليارات دولار، تعادل نحو 1.9
تريليون جنيه، أى إن إجمالى الدين العام لن يقل عن 6.4 تريليون جنيه، ويوضح أن متوسط نصيب كل أسرة فى مصر من هذا الدين (23.9 مليون أسرة) يساوى نحو 250 ألف جنيه، ويقدر فوائد هذه المديونية -إذا كانت 10٪ سنوياً فقط فى المتوسط- تساوى 590 مليار جنيه، أى أكثر من كل إجمالى مخصصات الدعم والصحة والتعليم، ويطالب بضرورة إعطاء أولوية قصوى لملف المديونية قبل فوات الأوان.
فى المقابل يقول الدكتور علاء الشاذلى، أستاذ الاستثمار والتمويل فى جامعة القاهرة، ممثلاً للفريق الثانى، إن الاقتراض لا يمثل مشكلة ما دام يتوافر للمقترض القدرة على السداد، نافياً وجود نسب آمنة محددة مثل الـ60% أو غيرها من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى، وأوضح أن المعادلة محسومة: عدم الاقتراض من الخارج يعنى الاعتماد على مصادر التمويل الذاتى، ومع انخفاض معدلات الادخار المحلية، ووجود فجوة كبيرة بين الادخار وحاجتنا للاستثمار، نحتاج للاقتراض لتنفيذ المشروعات المطلوبة، وإذا لم نقترض لن ننفذ هذه المشروعات، وبالتالى سنضحى بفرص نمو وتوظيف وخلق طاقات إنتاجية جديدة أو تأجيلها لمدد طويلة، فبدلاً من تنفيذ مشروع ما فى عامين قد نحتاج لعشرين عاماً حتى نوفر له التمويل الذاتى، وهذا أمر غير مقبول، وتابع «الشاذلى» لـ«الوطن»: صانع القرار يأخذ فى اعتباره أموراً كثيرة حين يلجأ للقرض، أولها الحاجة لهذا المشروع وأهميته، ثانياً جدواه الاقتصادية وقدرته على توليد إيرادات لسداد الديون إلخ، ويضيف: «ما أراه بصفة عامة أن الحكومة موفقة حتى الآن، فهى تمول مشروعات حيوية فى كل الاتجاهات المطلوبة، فهناك المناطق الصناعية على مستوى الجمهورية ومشروع استصلاح 1.5 مليون فدان كمرحلة أولى، والمزارع السمكية، والمشروعات العقارية والخدمية على ساحلى البحرين الأحمر والمتوسط، وعشرات المشروعات الضخمة فى البنية التحتية والطاقة، وكل هذه مشروعات لا يمكن إنكار أهميتها فى هذه المرحلة، وهذا ما فعلته دول أوروبا الغربية بعد الحرب الثانية عندما أقدمت على مشروعات إعادة الإعمار فى كل المجالات، وكانت هذه بداية النهضة، وتساءل: «ثم ما مبررات الخوف من فاتورة الدين الخارجى إذا لم يكن هناك مؤسسة تصنيف ائتمانى واحدة تشكك فى قدرتنا على السداد؟ والبنك المركزى أعلن مؤخراً أنه سدد 30 مليار دولار فى العام 2017، وكشف عن خطته لسداد 18 مليار دولار أخرى بنهاية العام الحالى، ومع ذلك سجل الاحتياطى النقدى أكثر من 37 مليار دولار»، واستدرك: «صحيح أن هذه الأرقام لم تنعكس إيجابياً على سعر صرف الجنيه، ولكن ذلك سيتحقق مستقبلاً، لأننا ما زلنا فى بداية الإصلاح ولا نملك ما يكفى من موارد العملة الصعبة لمواجهة السوق السوداء التى قد تنشأ فى حال تحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار»، ويلفت «الشاذلى» إلى وجود اعتبار سياسى وراء اندفاع الحكومة للاقتراض الخارجى، خلاصته أن القيادة السياسية تشعر أن الوقت مواتٍ لتنفيذ كل الإصلاحات والمشروعات المطلوبة، لأن الشعب سيتحمل التكلفة فى هذه المرحلة التى يقارن فيه المصريون بنوع من الرضا أحوالهم بأحوال باقى دول المنطقة، ويختتم تصريحاته لـ«الوطن» قائلاً: «أعتقد أن مجريات الأمور تثبت صحة توجه الحكومة».